قصة بعنوان (حلم تحقق)
بعد مراسم العزاء ، لم ينتبه أحد لتلك الطفلة ذو الخامسة من العمر، التي فقدت والدها اليوم ،لم ينتبه أحد لنظرة تساؤلها أين ذهب والدها ،ولماذا تبكي أمها بشدة؟
كانت تتعجب لكل ما يحدث مما حولها من أحداث تحدث _ كالعادة _في جميع مراسم العزاء
ولكنها اقتربت من أختها الكبرى فريدة تسألها عما يحدث، وأين أبيها ؟
فهى تريد رؤيته بشدة، ثم نظرت إلى والدتها التي كانت الدموع تملأ عيناه، ظلت ترد أسئلة كثيرة دون توقف، كانت تنظر إليها فريدة منها والدموع تنهال على وجها، قائلة :
-مهلًا يا صغيرتي فكيف أخبرك بخبر كهذا ياإلهي ماذا أقول لها ،هل أخبرها بما يحدث بالفعل ،أم أخترع كذبة تصدقها ؟؟.
كانت فريدة تشعر بانكسارٍ بداخلها، كانت تنظر إلى البيت وكأن ليس له جدار، فلم يعد موجود بعد الآن، ها هو الجداد أمامها بالفعل ولكنها لا تشعر به، كيف تشعر به بعد فقدان أبيها ؟.
أصبحت هشة من داخلها من يراها يظن أنها تبلغ من العمر عمرًا فوق عمرها، ولكنها كانت لم تخطي العشرينات بعد، كانت طيبة القلب، تحب القراءة، والدراسة تتمنى دائمًا أن تصبح يوما كاتبة، وكان أبيها يقوم بتشجيعها ودعمها على ذلك، ولكن أين هو فلم يعد موجودًا بعد اليوم ولكنها اتخذت القرار حين قالت :
-سيتحقق حلمي وسيكون أبي هو الدعم الأول والأخير لي، سأتذكر دائمًا كلماته التي كان يقولها لي بأن لحلمي بقية وأنني لا أجعل الحزن يطرق باب قلبي، فيأخذني من بين أحلامي وتصبح هباءً.
وبعد مرور شهورٍ من وفاة والدها، حققت فريدة حلمها وحلم والدها والتحقت بكلية الاعلام وبدأت تحقق أولى خطوات حلمها حتى يتحقق.
-"ها أنا أحقق أولى خطواتي في حلمي الذي تمنيت تحقيقه، أفتخر بنفسي التي حاولت الكثير لتحقيق ذلك الحلم، رغم وجود من كانوا يتنظروني سقوطي، كانوا يظنون أنني أضيع وقتي ولن أنجح أبدًا،ولكنّ لن أتنازل عن إكمال حلمي الذي حلمت به وتمنيت تحقيقه ".
كتبت فريدة بدفترها الخاص بالكتابة الذي تكتب به مايجول بخاطرها فجاءت صديقتها مريم من الخلص وتقول لها:
-ترى هل حقًا سنحقق حلمنا هذا؟.
-نعم سيتحقق ولن أتنازل عن إكمال حلمي، وسأجعل كل من ينتظر سقوطي في قائمة الانتظار لأنني لن أتنازل عن حلمي.
-معكِ حق لن نتنازل عن حلمنا، والآن هيا بنا لبداية تحقيق حلمنا إلى المحاضرة.
-هيا بنا.
كانت لديها حماس في تحقيق حلمها فكانت مؤمنة أن حلمها سيتحقق، ولكن ترى هل سيحدث ذلك أم ستجد من يحاول سقوطها، فهى الآن بداخل عالم جديد ومختلف وربما تعمقت به أكثر تعلمت أكثر وأكثر ورأت الكثير مما يحاولون سقوطها:
-"كلية الإعلام!!
وهل كان يعمل أخى رحمه الله ويشقى حتى تلتحق ابنتك بكلية كهذه؟ ليس لدينا في عائلتنا أن نجعل بناتنا تلتحق بمثل تلك الكليات لما لم تلتحق بجامعة الآداب وتختار بقسم اللغة العربية طالما تريد تحقيق حلمها".
قالت حنان عمة فريدة حديثها هذا لكريمة والدة فريدة عندما علمت بالتحاق فريدة بكلية الاعلام، فهناك من يجهل تمامًا مدى مميزات هذه الكليات، وكانت عمة فريدة واحدة من هؤلاء:
-ابنتي تحقق حلمها في هذه الجامعة، وأخيكِ أيضًا كان يحلم أن تكون ابنته كاتبة يوما ما.
-ماذا كاتبة! وهل ستكون مثل هؤلاء الكُتَّاب الكبار ربما تحلمين أن تكون مثل نجيب محفوظ أو مثل نزار قباني الذي كان جميع كتاباته عن الحب هل تريدين ابنته أن تكون مثله؟.
-لي الشرف في ذلك، فابنتي ستحقق حلمها وستكتب عن كل مايجول بخاطرها ستكتب عن كل شيء ولن أقوم بتقيد حريتها.
عندما قالت كريمة ذلك بدأت حنان بالتظاهر بالبكاء وهى تقول:
-آه ياأخي ليتك ترى زوجتك ماذا تفعل هى وابنتك ربما تعيد لها عقلها هذه، سيجعلون الناس تتحدث عن ابنتك ويتهامسون بسمعتها و…
وقبل أن تكمل حنان حديثها السيء عن ابنة أخيها وقفت كريمة غاضبة وهى تقول:
-إن كان أخاكِ عامر على قيد الحياة وموجود معنا سيكون فخور جدًا بابنتنا فريدة التي تحقق حلمه بأن يراها كاتبة وتحقق حلمها أيضًا، أما بأمر الناس فمن سيتحدث عن ابنتي بكلمة واحدة سيجدني أنا أمامه وأخرس ألسنة الجميع، وليس لأن ابنتك لم تلتحق بأي جامعة لأنها فاشلة تريدين أن تكون ابنتي مثلها اذهبي وانظري إلى ابنتك واعتني بها جيدًا بدلا أن تتحدثين عن ابنة أخيكِ هكذا، ماذا تركتِ للغرباء في الحديث عنها وأنتِ تتحدثين هكذا عنها؟!.
-ابنتي أنا فاشلة، ابنتي ستتزوج وتبني عائلة لها أما ابنتك ستكون هكذا بدون زواج.
-لولا أنكِ أخت عامر رحمه الله لكنتُ…
-لكنتِ ماذا؟ أنا سأذهب الآن ولكن سنرى الأيام بيننا.
-حسنًا هيا اذهبي.
ذهبت حنان وجلست كريمة وهى تشعر وكأن العالم كله متكيء على صدرها والدموع تتغورق في عينيها وهى تقول:
-آه ياعامر لما تركتني لكل هذا، ليتك معي الآن كنتُ ستقف لأختك وتوقفها عن حديثها هذا، آه يافقيد قلبي كم اشتقت إليك إلى الحديث معك إلى كل شيء، أشعر وأن على كتفي همًا مثل الجبل ولكن أعدك أن أعتني بأولادنا جيدًا ستحقق فريدة حلمكما وستكبر فرح وتبدأ بممارسة حلمها لن أقف أمام إحداهن أبدا في حلم تريدان تحقيقه، سأكون لهما الأم والأب والأخت والصديقة أيضًا فلا تقلق ولكنّ..
اشتقت إليكَ..
مرت الشهور والسنين وكانت كريمة تقف بجانب بناتها حتى يحققان حلمهما وتخرجت فريدة من جامعتها وفي يوم رأت أن حلمها حقًا سيتحقق ولم يضع الله تعبها هباءً حين وجدت رسالة مرسلة لها:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، آنسة فريدة عامر معكِ رئيس جريدة حلم كاتب كنتِ قد قدمتِ طلبًا للعمل معنا وأرسلتِ بعضًا من كتاباتك الجميلة ونتشرف أن تكوني معنا ويكون لكِ مكان بيننا "
نظرت فريدة إلى تلك الرسالة وتغرورت الدموع في عينيها وهى تهتف بصوتٍ عالٍ إلى والدتها وهى تقول:
-أمي أمي أين أنتِ تحقق حلمي سأصبح كاتبة، أمي أين أنتِ؟؟.
-أنا هنا ياابنتي ماذا قلتِ للتو لم أسمعكِ جيدًا ولما تهرولين هكذا؟!.
وقفت فريدة تحاول التحاق أنفاسها من كثرة الفرحة وتقول لأمها:
-حلمي تحقق ياأمي هناك جريدة لدعم المواهب قالت لي أنهم يريدون أن أكون معهم بالجريدة وأصبح كاتبة.
-حقًا حمدًا لله كنتُ أعلم أن حلمك سيتحقق، وسيجزيكِ الله خيرًا عن تعبكِ وسهرك حتى تحقيق حلمك حمدًا لله.
-حمدًا لله ياأمي ليت أبي أيضًا كان معنا الآن ليرى أنني بدأت في تحقيق حلمي وأن حلمى ككاتبة يتحقق.
-رحمه الله لو كان موجودا بيننا لكان فخورًا بكِ.
-مبارك ياأختى عندما أكبر مثلك سأحقق حلمي مثلك ولكنّ سأكون أبرع رسامة ترسم لوحات بفرشاتي، ولن أستسلم مثلك لما يقولون الناس فأنتِ تحملتِ كثيرًا ستكونين قدوتي وسأكون مثلك.
نظرت فريدة بحب إلى أختها فرح وقالت لها:
-وأنا سأقول لكِ نصيحتي لكِ ولكل من يريد تحقيق حلمه
"لا تجعل اليأس يطرق باب قلبك ستتعثر تارة وتقف تارة أخرى لذلك اعمل على تطوير نفسك اجعل من يريدون سقوطك ينتظروك دون أن يحدث مايريدون، ففي كل يوم يمرُّ عليكَ سـيكبر معك حلمك، سـتشعر وكأنك مثل الفراشة التي تطير وتحلق بجناحيها لتحقيق حلمك،
سـ تتعثر تارة وستقف تارة أخرى، ولكن إيَّاك أن تستسلم ".
-حسنًا سأضع نصيحتكِ بعقلي وسأفعل بها دائمًا فأنا مؤمنة بأن حلمي سيتحقق مثلكِ.
" تمت "
-بقلم: هند حسين " ورد "
تعليقات
إرسال تعليق