قصة قصيرة بعنوان (ظل وردة) للكاتبة /هند حسين


 "ظل وردة " 


كان ينظر إليها كذئب مفترس رأي فريسة تشبه الغزال بخطواتها وأنوثتها المفرطة، كان يتأمل في جمالها كأنه لم يرى مثلها من قبل فهو حقًا لم يرى مثلها من قبل فهي فتاة ترتدي فستانًا أنيقًا لم تشبه الفتيات اللواتي يرتدين الملابس الضيقة والملفته للنظر ولكن ما جعله يلتفت لهذه الفتاه أنها عكس هؤلاء الفتيات فظل ينظر إليها إلا أن أصبح لا يستطيع التحمل بأنه يقف هكذا دون أن يقترب إقترب إليها وهو يتودد بقوله إليها ... 


-هل تقبلين هذه الوردة مني؟. 


نظرت إليه الفتاة وهي لاتعلم ماذا سيكون وراء هذه الوردة من معنى ظنت بأنه حقًا معجب بها؛ فهي أيضًا لأول مرة تخوض مرحلة الحب ذلك كل ماتعرفه عن الحب ماهو إلا في الروايات التي كانت تقرأها دائما ومع مرور الزمن الآن رأت هذه الفتاة ما وراء تلك الوردة التي لم تصبح مثلها الآن فقد شوَّهها ذلك الشاب ليس كجمالها فحسب بل جعلها تفعل الكثير لإرضائه فقد تخلت عن الكثير من مبادئها عن كرامتها جعلها الآن نادمة

لقبولها تلك الوردة:  


-"هوّنِ على نفسك ياحبيبتي واعلمِ جيدًا أن حازم سيأتي اليوم ويندم على جميع أفعاله معكِ؛ فلن يدعه الله ثقي بما أقوله لكِ."


قالت ذلك سارة صديقة نور التي قامت بنصحها دائما بترك هذه العلاقة التي ستحطم قلبها كما فعلت الآن. 


كانت سارة على حق فردت عليها نور وهى تقول:  

 

-ليتني استمعت إليكِ؛ ربما لم يحدث ماحدث، لقد قسوت علىٰ نفسي، جعلت كرامتي تحت قدميه، الآن جعلني أتمزق من الداخل ونار قلبي تشتعل أيضًا. 


أنهت نور حديثها والدموع تنهال من عينيها ، وعندها رأتها سارة هكذا نظرت إليها نظرة ثقة وهى ترتب على كتفيها ثن أخذتها في أحضانها وقالت لها وهى تمسك يديها:  


-لا تقلقي فأنا بجانبك دائمًا وأبدا، لن أتركِ أبدًا. 


مسحت نور دموعها وهى تخرج من بين أحضانها وهى تنظر لسارة وهى تقول:  


-وأنا أعدك أنني سأستمع لما تقولين، أعدك لن أكرر مافعلت، لن أترك قلبي لكل من يطرق بابه. 


 بدأت نور في رحلة جديدة لتزدهر من جديد وتولد من جديد وكانت تبحث عن عمل ظلت تبحث عن عمل جيد فهى خريجة كلية الإعلام وكانت تحلم كثيرًا أن تكون يومًا ما كاتبة وصحفية كبيرة يكون لها قراء ينتظرون المقالات والأخبار التي تكتب عنها وبدأت بتحقيق حلمها من خلال جريدة الكترونية عملت بها كمحررة صحفية تحت التدريب أولًا: 


ـ " أستاذ يوسف هذه نور محررة صحفية جديدة معنا هنا وستكون من ضمن فريقك بالعمل فهى الآن تحت التدريب وتحت إشرافك". 


أنهى السيد سالم رئيس تحرير الجريدة تقديم نور ليوسف المسؤول عن قسم المحررين الصحفين؛ استقبل يوسف نور بترحاب وأبلغها مايجب عليها فعله وأين سيكون مكانها؟ 

فرحت نور وشعرت أنها ستكون بداية جديدة وحقيقية لها، وبعد يوم طويل في التدريب إلتقت نور بصديقتها سارة لتبث لها خبر قبولها في العمل وبدأ تدريبها ككاتبة ومحررة بالجريدة: 


ـ يا لها من أخبار رائعة ستكونين من أفضل المحررين بالجريدة فخورة بكِ يانور هذه حقًا بداية جديدة وموفقة بإذن الله لكِ.

 

ابتسمت نور وقالت وهى تشعر بالإمتننان لها وقالت: 


ـ شكرًا لكِ يا سارة على كل شيء،أنا ممتنة جدًا لوجودك الدائم معي.

ـ حبيبتي أنا معكِ دائمًا وأبدًا.

 


بعد مرور ثلاثة أشهر من تدريب نور بالعمل أصبحت كما قالت لها سارة أنها ستكون من أفضل المحررين بالجريدة وأصبح يوسف يعتمد عليها كثيرًا، ومع مرور الأيام كانت ترى نظرة الإعجاب من يوسف لها ولكنها لم تعر له أي انتباه؛ فليس من الضروري أن كل بداية جديدة بعد علاقة سامة تعني أن ندخل في علاقة أخرى كانت نور تقول بداخلها أنها تريد أن تبدأ بداية جديدة لنفسها أولًا ثم يأتي بعد ذلك التفكير في الأمور العاطفية وبالفعل كانت نور تقوم بتطوير نفسها أكثر فأكثر أصبحت أفضل ولكن لم تعلم أن سيأتي من يذكرها بالماضي:  


ـ آنسة نور أقدم لكِ السيد حازم متدرب جديد معنا بالجريدة. 


عندما قال يوسف ذلك نظرت نور لحازم بلامبالاة بينا هو كان ينظر إليها بدهشة وأنها حقًا بدأت بداية جديدة، ولكنها تحدثت معه برسمية وكأنها لا تعرفه وقالت:  


ـ مرحبًا بك ياسيد حازم. 


كاد يجيب عليها حازم ولكنها استأذنت بالذهاب لمكانها فسمح لها يوسف، مازال حازم مندهشًا من ردة فعل نور ولكنه بعد إنتهاء العمل لحِقَ بها 

وأوفقها وقال لها:  


ـ نور مهلًا انتظري أريد التحدث إليكِ، منذ قليل شعرت وكأنكِ… 

ـ لا أعرفك أعلم ذلك لقد تعمدت فعل ذلك لأنني محوتك من ذاكرتي. 


انصدم حازم من حديثها فأجابها قائلًا: 


ـ محوتني من ذاكرتك ألهذه الدرجة! 

هل توقف قلبك عن حبي؟ 

كنت أظن.. 

ـ تظنُّ ماذا؟ هل لك أي حق بعد مافعلته بي لتظن شيئًا، لقد كنت لا أفكر في شيء سوا بك وأنت ماذا فعلتَ بالمقابل؟ 

قمت بخياتني دمرت قلبي الذي أحبَّكَ والآن دعني أذهب فأنا لست تلك الفتاة الساذجة التي كانت لا تعلم أن وراء هذه الوردة والآن دعني أذهب. 


ـ سأدعك تذهبين فكل الحق معكِ ولكني أريد العفو والسماح منكِ؛ لقد عاقبني الله خلال الثلاثة أشهر الماضية فقدت أموالي وجاهي كنت كلما أبحث عن عمل لم يوفقني الله به، كِدتُ أفقد أختي الوحيدة بسبب شاب مثلي كان يفعل معها مثلما فعلتُ معكِ فهى الآن مثلك تبدأ من جديد.  


أنهى حازم كلامه بحزن شديد وبرجاء للعفو عنه فنظرت إليه نور وهى تقول:  


ـ سأعفو عنك ليس من أجل خاطرك فأنت لا تعني لي شيئًا ولكن من أجل أختك المسكينة التي أشعر بما هى تشعر الآن. 

ابتسم حازم وذهب من أمامها على الفوروكانت نور تظن أنها ستضعف حين تقابله مرة أخرى سيكون زال الغضب منه سيهدأ قلبها ولكن تفاجأت من نفسها بما فعلته معه فعلمت أنها حقًا بدأت بداية جديدة وفرحت بأنها واجهت الماضي الذي يمثل صراع دائم بينها وبين نفسها كل يوم وعندما عادت نور إلى المنزل قامت بالاتصال لصديقتها سارة وإبلاغها ماحدث فأبلغتها صديقتها أنها فخورة بها ففرحت نور وشعرت أنها هى أيضًا فخورة بنفسها وفخورة بأن لديها صديقة مثلها، أنهت الحديث معها فوجدت اشعار رسالة من يوسف على تطبيق الواتساب وعندما قام بفتح الرسالة فوجدته كاتبًا:  


ـ مارأيك أن ندع الماضي للماضي ونقوم ببناء حاضرًا جميلًا معًا؟ 

هل تقبلين أن أكون حاضرك وأنتِ مستقبلي؟. 


لم تجب نور على رسالة يوسف ظلت صامتة من الخارج وبداخلها الكثير من الأسئلة ظلت في حيرة كبيرة فقاطع صمتها وتفكيرها رسالة أخرى منه كتب بها:  


ـ أعلم أنك خائفةً مني بعض الشيء ولكنّ لن أقوم بالضغط عليكِ خذي كل وقتك وفكري جيدًا واعلمي أنني حقًا أريد أن نكون سويًا بالمستقبل. 


حديثه جعلها تطمئن قليلًا فابتسمت وأمسكت هاتفها وكتبت له:  


ـ سأفعل كما قلت سأفكر في الأمر وأقوم بالرد عليك. 

ـ وأنا انتظرك.


أغلقت نور هاتفها وظلت تفكر مرة أخرى، وقررت أن تحدث والدتها في ذلك الموضوع وعندما تحدثت عنه فأجبتها والدتها وهى تقول:  


ـ حبيبتي أنتِ الآن في تحسنن تام وأفضل بكثير مما كنتِ عليك سابقًا، ليتني كنت مقربة منك أكثر من ذلك ولكن أنا هنا بجانبك وإن كان يوسف هذا يريدك حقًا دعيه يأتي ويقوم بطلب يدك مني. 

ـ حسنًا يا أمي سأفعل ذلك. 


أنهت نور حديثها مع والدتها وأرسلت رسالة ليوسف بما قالتله لها ففرح كثيرًا وقال لها أنه سيأتي غدًا هو ووالداه ليقوموا بطلبها للزواج 

فوافقت نور وفرحت كثيرًا وأبلغت سارة بما حدث وبالفعل في اليوم التالي جاء يوسف لطلب نور للزواج وبعد يومين تمت خطبتهما 

وفي كل يوم كان يمر عليها معه كان يوسف يقول لها دائمًا أنه فخور بها وكانت هى تقول له أنها وجدت البداية الجديدة معه وأنها مطمئة جدًا وهى معه وبعد مرور عدة أشهر تزوجا نور ويوسف وبدأ كل منها يساند الآخر وأن يكون له نعم الرفيق والزوج الصالح. 


"غاليتي من يريدك؛ سيقود حربًا من أجلك؛ سينظر إليكِ؛ وكأنك أعظم انتصاراته؛ سيجعلك تشعرين بالطمأنينة معه؛ سيكون لكِ صديقًا قبل أن يكون لكِ حبيبًا؛ فإختاري أسدًا يليق بكِ في زمن كثُرت به الضِباع". 


ـ هند حسين " ورد "



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقال بعنوان (الإكتئاب)

خاطرة بعنوان (فراشة الأحلام)