نص بعنوان (الْغُرْبَةُوَالِانْكِسَارُ)

 

مِنَ المَعْرُوفِ أَنَّ الغُرْبَةَ هِيَ التَّغَرُّبُ عَنِ الأَهْلِ وَالأَوْطَانِ، وَلَكِنْ هُنَاكَ غُرْبَةٌ أُخْرَى تُكَسِّرُكَ مِنَ الدَّاخِلِ، حِينَ تَكُونُ فِي مَوْطِنِكَ بَيْنَ أَهْلِكَ، وَلَا تَجِدُ مَنْ يَفْهَمُكَ رَغْمَ كَثْرَةِ جَمِيعِ مَنْ حَوْلَكَ إِلَّا أَنْ تُكَسِّرَكَ العَاهَاتُ التَّقَالِيدُ الَّتِي تُلْزِمُكَ بِمُعْتَقَدَاتٍ خَاطِئَةٍ، فَتَجْعَلُكَ لَا تَجِدُ الأَمَانَ بَيْنَ أَهْلِكَ، فَتَجِدُ نَفْسَكَ وَحِيدًا مِنَ الدَّاخِلِ لَا أَحَدَ يَفْهَمُكَ لَا أَحَدَ يَشْعُرُ بِكَ، فَلَيْتَنَا نَسْتَطِيعُ كَسْرَ تِلْكَ الحَوَاجِزِ الَّتِي تُقَيِّدُنَا، تِلْكَ الأَشْيَاءُ الَّتِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا اِسْمُ عَادَاتٍ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَادَاتٍ بَلْ عَاهَاتٌ، عَاهَاتٌ تُقَيِّدُ تِلْكَ العُقُولَ الَّتِي تَسْتَخْدِمُنَا نَحْنُ كَضَحِيَّةً لَا أَكْثَرَ، ضَحِيَّةٌ لِمُعْتَقَدَاتٍ كَثِيرَةٍ تُكَسِّرُنَا بِأَكْثَرَ مِنْ طَرِيقَةٍ، وَكُلُّ طَرِيقَةٍ تَخْتَلِفُ عَنِ الأُخْرَى، لَيْتَنَا نَسْتَطِيعُ الْهَرُوبَ مِنْ كُلِّ هَذَا، فَقَدْ سَئِمْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَأَصْبَحْنَا لَا نَسْتَطِيعُ التَّحَمُّلَ أَكْثَرَ، فَأَصْبَحْنَا غُرَبَاءَ حَتَّى عَنْ أَنْفُسِنَا، وَنَبْدَأُ بِالتَّفْكِيرِ الزَّائِدِ الَّذِي يُجَعْلُكَ تَتَآكَلُ مِنَ الدَّاخِلِ، فَتَقُولُ لِنَفْسِكَ تُرَى هَلْ سَنَفْعَلُ ذَلِكَ يَوْمًا مَا؟ هَلْ سَنَصْبِحُ كَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَسَرُونَا وَالَّذِينَ يُقَيِّدُونَنَا حَتَّى الْآنَ بِتِلْكَ الْعَادَاتِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَادَاتٍ، أَمْ سَنَسْتَسْلِمُ لِتِلْكَ الْعَاهَاتِ، لِتِلْكَ الْغُرْبَةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ بِدَاخِلِنَا؟

#هِند_حُسين 

#وَردْ